خالد حريب يكتب: دراما رمضان خسرت عبدالرحيم كمال
لم أتابع مسلسلات رمضان كما اعتدت المتابعة سنوات طوال، ربما تقصير مني وانشغال وربما انني افتقدت الدهشة التي كانت تحرضني على المتابعة، والتعليقات المتناثرة عن مستوى وجودة المنتج الرمضاني من الدراما جعلني أواصل حياتي دون أي إحساس بالخسارة حيث اتجهت التعليقات بشكل عام نحو افتقاد الأعمال المعروضة لكثير من العناصر الفنية القادرة على خطف المشاهد.
ولكن قبل أيام أصدر الكاتب والسيناريست المعروف عبدالرحيم كمال، بيانا إلى الرأي العام يعلن فيه رفضه التشوهات التي أصابت مسلسل زلزال الذي كتبه كمال، وقام بدور البطولة محمد رمضان ، وأرجع كمال تلك التشوهات إلى التدخل السافر من المخرج واعتداءه على الورق الذي قدمه كمال للشركة المنتجة، ليس هذا فقط بل وصلت تعديلات المخرج والشركة المنتجة إلى التلاعب في القيم التي انتصر لها كمال في كتابته واستبدالها بمعايير أخرى لا تتفق مع الكاتب المعروف بالتزامه وانضباطه.
هنا لابد أن نتوقف أمام ما وراء هذا الاعتداء وعواقبه التي تنسحب على سوق الإبداع المصري وضرب قوتنا الناعمة في الصميم، ببساطة عندما يتبرأ عبدالرحيم من ذلك المسلسل ويعلن أن ما يشاهده الناس يوميا لا يمت له بصلة، نعرف فورا أننا أمام كارثة حقيقية تهدم وتخرب ما تبقى لنا من إبداع نتباهى به أمام الآخرين، أقول ذلك لمعرفتي بالمستوى العالي الذي يقدمه عبدالرحيم كمال في أعماله، ومن شاهد مسلسل ونوس لنفس الكاتب سوف يعرف أن البعض في الوسط الفني سواء شركات إنتاج أو مخرجين أو إعلاميين قد احترفوا حصار القيمة وإحباط المبدع ورفع الدخيل على الأصيل.
عبدالرحيم كمال رجل طيب و درويش لا يعرف لغة الصراع والتآمر، يعرف فقط جودة كتابته وانتصاره لقيم متقدمة لذلك عندما نرى العراقيل في طريقه فمن الواجب على كل صاحب ضمير أن يمد يده لأزالتها ، يمد يده بالكتابة والانحياز لمواجهة القبح الذي يتربص بنا في كل خطوة، ليس من المصلحة العامة لهذا البلد قتل موهوب أو تركه ليخوض معاركه وحده، فمن ثروات مصر النادرة مبدعيها، ولعلنا رأينا منذ يومين ذلك الاحتفاء الواسع بعيد ميلاد الفنان عادل إمام.. هؤلاء السفراء لبلادنا في أمس الحاجة إلى بيئة صحية ليتفرغوا إلى إبداعهم، والكلام هنا لا يقتصر على عبدالرحيم كمال وحده ولكن على كل المبدعين في مختلف المجالات، القاهرة عاصمة نور الشرق تستحق منا الكثير من التفاني والإخلاص والمغامرات الإبداعية لنسترد الموقع المرموق الذي شغلناه يوما ما، صناعة الإبداع هي واحدة من الصناعات الثقيلة المؤثرة تحتاج إلى وقفة جادة عينها على المستقبل.
اعتقد أن الكاتب المحترم عبدالرحيم كمال سوف يخرج من تلك الأزمة الورطة، وقد تعلم منها الكثير ، رهاني على كمال وأبناء جيله أبناء أسامة أنور عكاشة ومحفوظ عبدالرحمن وصالح مرسي رهان لن اخسره والأيام بيننا.